المسيحيون والرئاسة في لبنان
كتبت “الرأي الكويتية”: منذ الاستقلال، لعبتْ الثنائياتُ المسيحية دوراً محورياً في الحياة السياسية، لكنها لم تكن يوماً مقرِّراً وحيداً في اختيار رئيس الجمهورية. آنذاك كان الطرف الآخَر في معادلة الميثاق الوطني هو القوى السنية، إضافة إلى الدور الذي كان يؤديه الزعيم الدرزي كمال جنبلاط.
وفي كل المحطات الأساسية، في تَوالي العهود الخمسة التي سبقتْ الحرب، كانت تُعقد لقاءاتٌ، مع القيادات السنية والدرزية لاختيار رؤساء الجمهورية تباعاً، والاتفاق مع القيادات المسيحية، أحياناً المُعارِضة وأحياناً المُوالِية، عطفاً على التأثيرات الخارجية التي كانت تَفرض إختيار مرشحٍ ما وأفضليّته على آخَر.
قد تكون تجربة انتخاب الرئيس ميشال عون، باتفاقٍ مسيحي ثنائي، إحدى المؤشرات على إستعادة القوى المسيحية لدورها وفاعليتها في تسمية رئيس للجمهورية.
ولو أن هذه المقولة تحمل تخفيفاً من وقْع تأثيرات التسوية السنية – الشيعية، في الاتفاق على رئيس للجمهورية، وفي الدور الذي لعبه «حزب الله» للإتيان بحليفه المسيحي إلى قصر بعبدا.
اليوم تتكرر الواقعة ذاتها. يتمسك «الثنائي الشيعي» بتسمية حليفه رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية، في حين أن القوى المسيحية، عاجزةٌ عن الإتفاق على مرشّح تخوض به المواجهة مع فرنجية. وقد يكون تحميلُها المسؤولية وحدها عن عدم انتخاب رئيس للجمهورية، لا يعكس حقيقة الأمر الواقع. لأن اي إتفاق بين هذه القوى لا يحوز رضى «الثنائية الشيعية»، في غياب الطرف السني القوي، يعني حُكْماً أن لا إنتخابات رئاسية.
فالقوى المسيحية من «التيار الوطني» و«القوات اللبنانية» و«الكتائب» عبّرتْ صراحةً عن رفْض إنتخاب فرنجية، وتَمَسُّك الثنائي الشيعي به، يقطع الطريق على محاولة بري تحميلهم مسؤولية إستمرار الفراغ.
وفي الوقت نفسه يحمّل هذه القوى مسؤولية الإتفاق على مرشح واحد، في ضوء بدء اتصالات رئاسية بين «التيار» و«القوات» ومع «الكتائب»، لكنها ما زالت أوّلية. فالطرفان يخوضان الحوار تحت عبء تجربة إتفاق معراب (أوْصل عون إلى قصر بعبدا) الذي وصل إلى حائط مسدود، وأدى إلى صِدام سياسي بينهما. وهما اليوم حَذِران تجاه بعضهما البعض، فعاملُ الثقة مفقود في ضوء تخوّف «القوات» من ان «التيار الوطني» يفاوضها في رسالة إلى «حزب الله» لتحسين شروط تفاوضه معه، وليس إقتناعاً بمبدأ توحيد الصف المسيحي.
أما «التيار» فيحاول شدّ «القوات» و«الكتائب» إلى ملعبه، لأن الطرفيْن لم يتمكنا من حصْد الأصوات السنية إلى جانبهما وهما يفتقدان تالياً الحليف الذي يجعل مرشّحهما رئيساً للجمهورية.
ورغم انتظار أن تسفر الاتصالات بين الأطراف الثلاثة عن نتائج إيجابية، إلا أن لا أحد يتوقع أن تُترجم هذه النتائج في صندوقة الإقتراع رئيساً للجمهورية ما دامت الكرة ما زالت في ملعب «الثنائي الشيعي».